ومن سورية انتقل إلى مصر في ٢٤ جويلية ١٩٢٠ م؛ حيث قضَّى فيها بقية عمره. وقد توجَّهَ اهتمامُه إلى تأسيس الجمعيات، وواصل نشاطَه العلمي والثقافي؛ إذ كان يلقي المحاضرات والدروسَ الدينية بالمساجد، ويكتب المقالات في بعض الصحف والمجلات لخدمة الإسلام والمسلمين. وانتُدِب للتدريس بالأزهر في قسم التخصص سنة (١٩٢٧ م)، وبلغ مجدَه العلمي والديني حيث أصبح شيخاً للأزهر يوم الأربعاء (٢٧ ذو الحجة سنة ١٣٧١ هـ / ١٧ ديسمبر ١٩٥٢ م). وواصل جهوده العلمية، فكان ينشر البحوثَ الدينية والمقالات في بعض المجلات؛ مثل:"لواء الإسلام"، التي كان أحد المشرفين عليها، ومحرراً لقسم تفسير القرآن الكريم فيها تحت عنوان:"أسرار التنزيل"، ثم جُمعت هذه البحوث في كتاب واحد يحمل نفس الاسم، بعد أن قام علي الرّضا الحسيني بجمعها وتحقيقها. وبذلك فلقد تكونت شخصية الخضر حسين تكويناً شاملاً بعد أن مرَّ بمراحل عديدة، واتصل بشخصيات علمية.
ولئن امتازت المرحلة الأولى التي قضاها بتونس بالتعليم والتكوين، واختصت المرحلة الثانية التي قضاها بالشام، وبعض البلدان العربية والأورويية بكثرة التنقل والترحال، فإن المرحلة الأخيرة التي سماها محمد الفاضل بن عاشور (١٦/ أكتوبر ١٩٠١ م -/ ١٩ أفريل ١٩٧٠ م): "مرحلة المجد الثقافي والشهرة العلمية"(١)، هي التي عرف فيها أعلى المراتب العلمية، وأشرف على مشيخة الأزهر.
(١) في محاضرة ألقاها بمناسبة أريعينية الشيخ محمد الخضر حسين في ٢٠ مارس ١٩٥٨ م محمد مواعدة "محمد الخضر حسين حياته وآثاره" (ص ٨٦).