والترجي قد يكون من جهة المتكلم، وهو الشائع، وقد تستعمل "لعل" في الكلام على أن يكون الترجي مصروفاً للمخاطب، فيكون المترجي هو المخاطب، لا المتكلم.
وعلى هذا الوجه يحمل الترجي في هذه الآية؛ لاستحالة حصول الشيء من عالم الغيب والشهادة؛ لأن توقع الإنسان لحصول الشيء هو أن يكون متردداً بين الوقوع وعدمه، مع رجحان الوقوع، والمعنى: اعبدوا ربكم راجين أن تكونوا من المتقين، وهم البالغون الغاية في الهدى والفلاح (١).
٢ - الترجيح بالأثر: ومن نماذج استخدام المأثور في الترجيح: ما ذكره الخضر حسين عند تفسيره قوله تعالى: {. . . فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة: ٣٨].
إذ يقول: " ... وليس ببعيد أن يكون معنى (لا خوف عليهم): أنهم بلغوا استقامة السيرة وفضل التقوى؛ حيث لا يخاف عليهم أحد أن يصيبهم في يوم الجزاء مكروه. ونفي الخوف والحزن ورد في الآية على وجه الإطلاق، وظاهره: أن المهتدين لا يعتريهم الخوف ولا الحزن في دنياهم، ولا في آخرتهم.
ولكن قوله فيما يقابله من جزاء الكافرين:{أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: ٣٩] يرجح أن يكون المراد: نفي الخوف والحزن عنهم في الدار الآخرة. ثم إن الذين يتقون الله حق تقاته قد يأخذهم شيء من الحزن في الدنيا.