الفترة كانوا على ثلاثة أصناف، لم نجد أثراً له عند أي من هذه الأصناف.
كان هناك المثقفون المفرنسَون الذين انسلخوا عن جلدتهم، وكانوا يسعون للاندماج في المجتمع الفرنسي، لكنهم كانوا مثقفين، كانوا يكتبون على أعمدة الصحافة، وكانوا ينشطون ثقافياً، والمثقفون الوطنيون الذين كانوا -أيضاً- نوعين: كان نوع مزدوجَ اللغة، وكان نوع زيتونياً، وخاصة أنه في النوع المزدوج باللغة نجد أن الشيخ محمد بن رحّال كان يكتب في موضوعات عالجها الشيخ محمد الخضر حسين، فالشيخ محمد بن رحّال كان يلقي محاضراته باللغة الفرنسية في باريس في ذلك الوقت حول الحرية في الإسلام، حول نظرة الإسلام إلى المرأة، ونظرة الإسلام إلى المجتمع، إلى غير ذلك. موضوعات مهمة نجد أن الشيخ قد عالجها، وفي نفس الوقت عالجها الشيخ محمد بن رحّال، والمفروض أن هذا يربط بين الرجلين، خاصة وأن الشيخ محمد بن رحال كان مزدوج اللغة، ثم الزيتونيون، فكانوا في الجزائر في تلك الفترة، كان يوجد عمر القدور، وهو زيتوني، وعمر راسم الذي هو زيتوني، اللذان كان لهما مساهمة كبيرة في تنشيط الحياة الثقافية المغاربية على أعمدة الصحافة التونسية، وعلى أعمدة الصحافة الجزائرية.
هذا السؤال بقي يحيرني، بحثت فعلاً، ولكني لم أجد الجواب الشافي الكافي، هذه الملاحظة أطلب من الجميع أن يفكر معي في أسباب عدم وجود التلاقي في تلك الفترة بين هذه الرجالات التي كانت تعمل بالفعل من أجل إعادة بعث هذا المجتمع المغاربي، ودفعه نحو ما كان يسميه مالك بن نبي: المجتمع الموحد.
نعود الآن إلى صلب الموضوع: دور المثقف في تمتين أو توثيق العلاقات