كنت أتمنى أن أرى أساتذة أجلاء من تونس يزورون الجزائر مثلما كان يقع في السابق. وعندما تقع اللقاءات، وعندما تقع الاحتكاكات والحوارات، فهذا هو سبب تطور وتقدم للمجتمع. أما إذا انزوى كل على نفسه، وتقوقع، فإننا نبقى دائماً ندور في حلقة مفرغة، ومع الأسف بدلاً من أن نتقدم، فإننا نتقهقر. كنا نعتبر نفسنا شخصاً واحداً، شعباً واحداً، أصبحنا نعتبر نفسنا شعبين، وحدود تقام بيننا تمنع.
هذه الحدود لم تمنع انتقال الجزائريين إلى تونس، والتونسيين إلى الجزائر في عهد الاستعمار، ولو كنا مثقفين بالفعل، ونقوم بدورنا، فإننا نرفع هذه الحقائق إلى من يهمه الأمر، ونطالب بإزالة هذه الحدود؛ لكي يتمكن المثقفون من الاتصال فيما بينهم، ويتمكنوا من معرفة ما يجري هنا، وما يجري هناك.
والمعرفة هي التي تساعد على حل المشاكل. وما لم نعرف، لا يمكن أن نصل إلى ذلك بالطبع. أعود إلى المثقفين بالفعل، أعرف في الجزائر مثقفين ليست لهم شهادات، باعوا أملاكهم ليؤسسوا جريدة. الجريدة يأتون بمقالاتها إلى تونس، وتطبع في تونس، ويعودون بها إلى الجزائر، ويوزعونها هناك، هذه العائدات لا تفي بالمصاريف اللازمة لإعادة طبع العدد الآخر، فكانوا يبيعون أملاكهم لكي يستمروا في طبع هذه الجرائد، وهذه موجودة، وشارك في تحريرها كثير من التونسيين، وشارك كثير من الجزائريين في تحرير الكثير من الجرائد التونسية.
ويبدو لي أن الجريدتين اللتين كان يشرف عليهما كل من عمر بن قدور، وعمر راسم كانتا متنفساً بالنسبة إلى المثقفين التونسيين، وقد اطلعت على