والإصلاخ استشراف مستمر للمستقبل، لا يكتفي بمواكبة التحولات، بل يعدّ لها، ولما بعدها.
وقد اخترنا الإصلاح منهجاً؛ لأننا انطلقنا من مخزون وطني عميق، واستلهمنا ثوابتنا ومراجعنا من فكر روّاده، ونضال شعبنا، ومقومات شخصيته الوطنية، وحضارته المتميزة. ونحن نذكر -بهذه المناسبة- بكل اعتزاز وإكبار روادَ الإصلاح في بلادنا، وزعماء الحركة الوطنية وقادتها، وشهداءها ومناضليها، ونحيى مآثرهم وتضحياتهم، وننزّلها المكانة اللائقة بها، لتبقى مراجعَ لأجيالنا القادمة، ومحطاتٍ وضاءة في تاريخنا الوطني". هذا من خطاب سيادته الذي ألقاه بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم سنة (١٤٢٣ هـ , الموافق ٢٠٠٢ م).
كلمة المفاتيح تحدد أغراضنا من مثل هذه الملتقيات، هذه الملتقيات التي تتناول بالدرس أعلام الفكر والثقافة، والتغيير والإصلاح، ومواكبة التحولات، الهوية، الثوابت، وليس من أغراضنا إطلاقاً التبرير والتنديد. إنما نروم الإسهام في بناء الشخصية المتميزة المشدودة إلى خلفية فكرية تاريخية، المعتزة بالتمسك بالهوية، وبالانتماء الحضاري، والانتماء إلى الوطن، الوطن لا كحيّز جغرافي فقط، إنما ككيان روحي حضاري بغايته السامية، وقيمه النبيلة، بما يمكّن تلك الشخصية الأصيلة المتجذّرة من التماس أسباب التحديث والارتقاء بالفرد والمجموع إلى أسمى ما يمكن أن يتحقق من المناعة والسؤدد، تلك هي المعادلة التي تتآخى فيها الأصالة والحداثة، التاريخيُّ والآنيُّ، والتي نراها في عهدنا السعيد تتحقق، بل قل: تنمو وتينع.
إن كل سعي إلى هذا الغرض مطلوب محمود، نطرب له وندعمه،