ويقيني: أن غطاء الثقافة والمحافظة على التراث، و (الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول التراث الفكري التونسي) قد نزّلت هذه الندوة في هذا الإطار بالذات، والشاهد إنما يتمثل في هذه المداخلات القيمة، وفي هذا الخيط الجامع الذي يؤلف بينها جميعا.
ولا يسعني هنا إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل المستحق إلى السادة الأساتذة الأجلاء من تونس، ومن أشقائنا الوافدين من الجزائر ومصر وسورية ومن الكويت؛ لأنني رأيت كويتياً بيننا والحمد لله، بغية الإسهام في طرق الموضوع على النحو المنهجي الذي يضمن موضوعية الاستنتاج والنتائج.
كما لا يفوتني أن أشكر الذين بذلوا جهداً ملحوظاً بالإعداد والتنظيم المحكمين، والسلط الجهوية والمحلية على اختلاف مواقعها التي دعمت العمل، وأسهمت بالتالي في إنجاح فعالياته، وعلى رأسها السيد والي "توزر".
أيها السادة والسيدات!
لقد تناولت البحوث القيّمة التي تفضلتم بإعدادها بالدرس، تناولت بالدرس فكر عَلَمٍ من أعلامنا الأفذاذ، حريٌّ بنا جميعاً أن نستلهم من فكره ومواقفه ما به نستحث الخطا للأفضل. نعم إننا لا نشرب من النهر مرتين كما يقول بعض الفلاسفة، فلا نقر الماضوية والتشبث بالقديم، لكن التاريخ مثقل بالمعاني والعبر، ورحم الله ابن خلدون الذي سمى كتابه في التاريخ:"العبر".
إن جوانب كثيرة من شخصية محمد الخضر حسين جديرة بالانضباط، ولعل أبرزها -على الإطلاق- منهجه التنويري في تناول قضايا الإصلاح الاجتماعي، وليس غريباً أن يوصف بكونه رصيناً عقلانياً، فبالتتبع والاستقراء