للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ندرك أنه سلك سبيل الدرس المعمق، والنظر الشامل السديد.

فقد كان يعرض القضايا التي يتقبلها على معيار البحث العلمي الرصين، الذي قوامه النقد والتحليل والتعريف. يقول المرحوم الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور في كتابه "الحركة الأدبية والفكرية في تونس": "اقتضت هذه الحيرة ظهور شهاب ثاقب من شهب العلم والأدب، يهدي الحائرين، يتناول قضية الإصلاح، فيعرضها على معيار البحث العلمي الرصين، والنقد المنطقي الرزين".

إن منهجه هذا أهّله إلى أن يكون مستنيراً، رافضاً لكل فكر خرافي أسطوري، لكل فكر ماضوي، كان متفتحاً غير متعصب لقديم، يعتمد الرأي المستند إلى دليل، حتى أدبه الرائق جاء غنياً بسديد الأنظار، وبمزيد الحكم المتعلقة بالخصوص بالإصلاح الاجتماعي.

لقد رفض الشيخ الخضر حسين القول بغلق باب الاجتهاد -وأقول هذا وبأعلى الصوت لأننا بحاجة ماسة إلى ما التمسه من الاجتهاد-, واستدل بمقتضى المنطق، فقال في أول مقال كتبه في أول مجلة عربية في بلادنا أسسها هو بنفسه "السعادة العظمى" قال ما يأتي: "إن دعوى أن الاجتهاد قد أغلق هي دعوى لا تُسمع إلا إذا أيدها دليل يوازن بقوته الدليل الذي انفتح به باب الاجتهاد أولاً".

إننا اليوم نتمسك بهذا المنهج العقلاني، الذي لا غنى عنه في تحقيق تطلعات المجتمعات الإسلامية إلى الرقي الحضاري المتوازن. ومن حق أبنائنا علينا أن نطلعهم على هذه الشواهد مثال الحصافة والجدّ والنبوغ، بما هي لحظات وضاءة تنير السبيل، وتعطي الخطوة الصحيحة. {اهْدِنَا الصِّرَاطَ