للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجود واجب الوجود. ولظهور دليله، قال بعض الأئمة: إن الإنسان يعذب عذاب الخالدين؛ لتركه الاعتقاد بواجب الوجود، ولو لم يرد من الله -عز شأنه- رسول، وراعى غيرهم ظاهر الآية وعمومها، وهو قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥].

فقال هذا الفريق: لا لِعذب الله أحداً عذاب الخالدين إلا إذا بلغته دعوة رسول على وجهها.

والدليل المنبه لوجود واجب الوجود هو إمكان الأشياء وحدوثها، أو بحدوثها, كما هو مقرر في علم الكلام.

ونذكر الاستدلال بحدوث الممكنات على وجه الاختصار، فنقول: إن وجود الحوادث بديهي؛ كالحيوان والنبات، فهذه الحوادث لم توجد بنفسها قطعًا، فلا بد لها من موجد، فإن كان الموجد لها واجب الوجود، فقد تم المراد، وارتفع النزاع، وإن كان الموجد لها حادثاً، فيلزم الدور والتسلسل.

"والدور: هو أن يكون الشيء الذي وجد بالحادث هو الذي أوجد الحادث، وهذا مستحيل، والتسلسل يقتضي وجود حوادث لا أول لها، وهو مستحيل أيضاً".

وهذه الطريقة في الاستدلال أبين وأقصر من غيرها، وإن كانت طريقة الاستدلال بالممكن صحيحة وقطعية أيضاً.

ولما كانت الأعراض لا توجد إلا بوجود الأجسام، كان الدليل على حدوث الأجسام متضمنا دليل حدوث الأعراض.

والقرآن الكريم أكثر من الاستدلال على وجود الخالق بحدوث الأعراض؛