العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا مُجرِ، فكيف يجوز نظام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها، وتغير أعمالها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحافز؟ فأسلموا.
واستدل الشافعي - رضي الله عنه - بحدوث الأعراض أيضاً على وجود الله، فقال: ورقة الفرصاد (التوت) تأكلها دودة القز، فيخرج منها الإبريسم (الحرير)، وتأكلها النحل، فيخرج منها العسل، وتأكلها الشاة، فيخرج منها البعر، وتأكلها الظباء، فينعقد في نوافحها المسك، فمن الذي جعل هذه الأشياء كذلك، مع أن الورقة واحدة؟
واستدل أحمد بن حنبل على وجود الإله بحدوث الأعراض أيضاً، فقال: قلعة حصينة ملساء، لا فرجة فيها، ظاهرها كالفضة المذابة، وباطنها كالذهب الإبريز، ثم انشقت الجدران فخرج من القلعة حيوان سميع بصير. من فعل هذا؟ وعنى بالقلعة: البيضة، والحيوان: الفرخ الذي خرج منها.
وزعم بعض البسطاء: أن الجواهر وأعراضها حدثت بطبيعتها، وليس هناك موجد غيرها، يقولون هذا، وهم يعترفون بأن الطبيعة لا تعقل كثيراً ولا قليلًا، فكيف يجوز أن تنظم الطبيعة الكون هذا التنظيم البديع؟
فالقول بأن الطبيعة هي التي أحدثت هذا النظام قول مرفوض بالبداهة، قال تعالى:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك: ١٤].
والمعجزات التي تجري على أيدي الرسل -عليهم الصلاة والسلام - هي من فعل الله، وقد زادت الإيمان باللهِ قبل الإيمان بالرسل- عليهم الصلاة والسلام ولهذا ترى من فلاسفة الإِسلام إيماناً قوياً صحيحاً.
قال أبو بكر بن الطفيل: فيلسوف الأندلس يصف الروح والبدن: