للنظر الصحيح، فإنه إما أن يكون وافق القانوني الفطري، أو يكون ما قرره من أحكام مستمداً من المسائل المقررة في مذاهب الأئمة المجتهدين.
والفرنسيون لما استولوا على الجزائر ترجموا "مختصر الشيخ خليل" المؤلف في الفقه المالكي إلى لغتهم. فمن الجائز أن ما قرر في القانون من المسائل التي وضعوها في قانونهم الوضعي أخذ من هذا الفقه.
والمصلحة قد يفهم من النص الخاص اعتبارها, كمصلحة تعدد الزوجات المفهوم من قوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٣].
وقد يفهم إلغاؤها من النص؛ كمنفعة الربا التي اعتبر الشارع إلغاءها نظراً للمضار الحاصلة منه.
وقد يعتد الشارع بالمصلحة، وإن لم يتقدم منه نص خاص على اعتبارها، ولكنه يفوض إلى المجتهد إذا أدرك المصلحة تعليق الحكم عليها، وتسمى: المصلحة المرسلة؛ أي: مطلقة عن التقييد بدليل خاص على اعتبارها أو إلغائها، ويتركها للمجتهد؛ مراعاة للقواعد التي أخذت من الكتاب والسنّة.
إن المصلحة إذا لم يخصها الشارع بنص على اعتبارها أو إلغائها ترجع إلى المجتهد، ولا يقبل النظر فيها إلا منه؛ لأنه هو الذي يعرف ما نص عليه الشارع، وما يناسب المصلحة التي يعتبرها الشارع أو يلغيها، ونظره هنا له اعتباره الشرعي؛ لاستناده إلى قاعدة مأخوذة من الكتاب والسنّة، وهي: مراعاة المصلحة المرسلة.
ومثل ذلك: اشتراط المالكية الخلطة بين المدعي والمدعى عليه في مطالبة المدعى عليه باليمين، وبذلك قيدوا النص العام، وهو الأثر القائل: من أنكر فعليه اليمين، وذلك فراراً من تطاول أدنياء الناس على كبرائهم،