وقد منع الشارع من تزوّج المسلمة بالنصراني، أو اليهودي؛ لأن النكاح ينبني على حسن معاشرة الزوجين، ولأن للإسلام كرامة تزول عندما تتزوج يهودياً أو نصرانياً لا يؤمن بدينها. والقانون يحيى ذلك، وكأنه لا يحرص على تزوج المرأة بمن لا يزيل كرامتها.
والشارع يورث المرأة نصف ما يرثه الرجال، والقانون يورثها بقدر ما يرث الرجال، مع عدم اعتباره أن إنفاق الرجل عليها وعلى أولادها وعلى المسكن والمطعم والمشرب واجب عليه، لا عليها، وإن كانت ذات مال.
وكنت زرت شيخ الإِسلام بتونس، فوجدت في المجلس شيخنا أبا حاجب، وقريبه السيد محمد أبا حاجب، فقال قريبه: ها هنا مسألة اختلفت فيها الشريعة والقانون، وهي: أن يبيع إنسان حيواناً، أو ثوباً لا يملكه، فإن ثبت ببينة أن المبيع ملك لآخر غير الذي باعه، فالشريعة تقول: يعطي الحيوان أو الثوب لصاحبه، والمشتري يرجع على البائع بالثمن. والقانون يقول: إن الثوب أو الحيوان يبقى بيد المشتري، والمالك هو الذي يرجع على البائع بالثمن. فافترق المجلس على أن حكم الشريعة أرجح مصلحة.
فالشارع يرى أن صاحب الشيء: الحيوان، أو الثوب يعطى حقه عاجلاً، والمكلف بتتبع البائع إنما هو المشتري منه بعقد باطل، وما قاله القانون ترويج للاعتداء على أموال الناس بغير حق. ومن أدرك الحقيقة، ووقف عندها، عده رقيق الدين متعصباً لما يعتقد.
ويعجبني بعض الوزراء إذ أصدر قانوناً يوافق الشريعة بخلاف القانون الذي قبله، فقال له بعض الوجهاء يمازحه: إن بعض الناس يعدون ما فعلته