وممن ألّف في القواعد من- الشافعية -أيضاً: العز بن عبد السلام، ومن- الحنفية-: أبو طاهر الدبوسي، وابن نجيم، ومن - الحنابلة -: ابن رجب، ومن - المالكية -: القرافي، والمقري، وأبو إسحاق الشاطبي.
والقاعدة التي يأخذها المجتهد من آيات وأحاديث كثيرة، قد يجيء حديث آحاد صحيح مخالف لها في ظاهره، فيعمل بالحديث فيما نص عليه، ويعمل بالقاعدة في بقية الجزئيات؛ كحديث العَرِيّة، وهي نخيلات يهبها صاحب البستان لمحتاج، ثم يشتريها منه بمقدار رطبها تمراً يابساً، فالقاعدة تقتضي المنع من بيع رطب بيابس، فنستعمل الحديث في إجازة العريّة كما ورد، ونترك القاعدة على حالها فيما عدا ذلك، وقد يفرق بين الحديث والقاعدة؛ بأن الحديث خاص بمن أعطى نخلات على وجه المعروف، والقاعدة مراد بها غيره.
وكان خالنا وأستاذنا الشيخ المكي بن عزوز قد سافر إلى الآستانة، وتولى دراسة الحديث بدار الفنون، وأذيع عنه في تونس بأنه صار يقول بفتح باب الاجتهاد، ولما لقيته بالآستانة، ذكر بعض الحاضرين له هذه المسألة، فقال: إني مالكي في المسائل الاجتهادية، أما إذا ورد حديث صحيح، فأعمل به، ولو خالف المذهب، وكلام الأستاذ يوافق قول ابن قيم الجوزية: إن الحديث إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يصح عنه - عليه السلام - حديث آخر ينسخه، فالفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه، وترك كل ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائناً من كان.
وقال أبو بكر بن عربي عند قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ