خَيْرًا} [النور: ٣٣]،: إن الآية والحديث إذا جاءا على خلاف الأصل، فكل منهما أصل بنفسه يرجع إليه بذاته، ويجري على حكمه.
ومن الفقهاء الباحثين من يقول: إذا جاءت الشريعة باختصاص بعض الأحكام بنوع يفارق به نظائره، فلا بد أن يختص ذلك النوع بوصف يوجب اختصاصه بالحكم، ويمنع المساواة لغيره، لكن ذلك الوصف الذي يختص بذلك النوع قد يظهر لبعض الناس، وقد لا يظهر.
وهذا كله يجري في الحديث المخالف في الظاهر للقاعدة المشتملة على جزئيات من نوع جزئياته؛ كحديث العارية؛ فإنه يقتضي جواز بيع رطبها باليابس، والقاعدة تقتضي منع بيع الرطب باليابس. أما استخراج الحكم من القاعدة، فالفقيه ينظر في الواقعة إذا لم يرد فيها نص خاص بالشارع، ويجمعها من أطرافها، وينظر إلى مقتضى الزمان والموطن الذي وقعت فيهما، وما جرت به عادة القوم مما لا يخالف نصاً من شارع، ثم يأتي على قاعدة تلائم الواقعة بجميع خصائصها، ويطبقها عليها.
ولا يكاد الفقهاء يختلفون في القواعد؛ لأنها قطعية، وقد يختلفون في تطبيقها؛ لأن التطبيق ظني، كما اتفقوا على قاعدة:(الضرر يزال)، واختلفوا في الرحى يضعها الرجل في عرصة داره، فيؤذي جاره بصوتها، فأطلق بعضهم منعها، وقيد بعضهم المنع بما إن كان صوتها شديداً، فإن كان ضعيفاً جاز وضعها. وقد اتفقت كلمتهم في قاعدة:(الضرر يزال)، واختلفت في مقدار الضرر الذي تجب إزالته، وهذا اختلاف في تطبيق القاعدة.
ويزيد هذا وضوحاً بأنه وقعت بيني وبين أحد الأساتذة من العراق محاورة في موضوع: أن مشقة الحركة عند الوصول إلى السنّ البالغة تسقط