وإجازة بعض القضاة لتحليف الشهود وتفريقهم؛ ليؤدي كل منهم شهادته على حدة، قائمة على أنه ظهرت لهم من المصالح التي أمر الشارع المجتهد بمراعاتها.
وحكي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنه كان يحلف الشاهد والراوي إذا اتهمهما.
وحكي أن ابن بشير قاضي قرطبة حفف شهود تركة.
ومن القضاة من يعول على العدالة، ولا يفرق بين شهود القضية.
وحكى الإمام الشافعي: أن أمَةً شهدت مع امرأة عند قاض، فأراد أن يفرق بينهما، فقالت له: لا تفرق بينناة فإن الله تعالى يقول: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[البقرة: ٢٨٢].
وبهذه الآية يستدل من منع من تفريق القاضي للشهود.
وقد يوجد في باب الشهادة قبول شهادة غير العدل؛ كأهل قرية كلهم غير عدول، فإنا نقيم في الشهادة عليهم أقلهم فسقاً حفظاً للحقوق، وصيانة للدماء، وهذا لا ينافي شرط العدالة في الشاهد, فإن المراد هو الشاهد الذي لا تدعو إليه ضرورة خارجة عن العقد.
وتتفاوت العدالة في الشهود بحسب قيامهم بالواجبات، وتجنبهم المعاصي.