للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كسب آلهة المشركين في وجوههم؛ فإنه يؤدي إلى ما فيه المفسدة، وهو سب الإله الحق، وإن كان سب آلهة المشركين في نفسه ليس فيه مفسدة، قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨].

وكضرب النساء بأرجلهن وفيها الخلاخل؛ ليسمع وسواسَ الحلي من يريد الاتصال بهن، قال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: ٣١].

فضرب الأرجل بالخلاخل في نفسه ليس فيه مفسدة، ولكنه ذريعة إلى ما فيه مفسدة، وهو اتصال الأجنبي بالمرأة.

وقسم ألغاه الشارع؛ لقلة ما يفضي إليه من مفسدة بالنسبة إلى كثرة ما ينتج عنه من المصلحة؛ كزرع العنب، فقد يفضي إلى اتخاذ الخمر من عصيره، فلم يمنعه الشارع؛ نظراً للمصلحة التي تنجم عنه كثيراً، وهو أكله من جملة الثمرات، واكتفى الشارع بالنهي عن الخمر نفسه.

والقسم الثالث من الذرائع: يتردد بين المصلحة والمفسدة، ولم يبين له الشارع حكماً بدليل خاص، كما بيَّن القسمين السابقين، وهذا القسم هو الذي بحث فيه المجتهدون، واتجهت أنظار الكثير منهم إلى منعه، واختلفوا في بعض الفروع؛ كالصور المعروفة في بيوع الآجال، التي منها: أن يبيع شخص لآخر سلعة بمئة إلى أجل، ثم يشتريها منه نقداً بخمسين، فقد نص كثير من الأئمة على منعها؛ لأن البائع خرج من يده خمسون جنيهاً، وأخذ عند حلول الأجل مئة، والسلعة قد جعلت ذريعة للربا، وجعل هؤلاء الأئمة علة المنع من العقد كثرة قصد الناس منه الوصول إلى الربا، وجعلوا المنع