وذهب أكثر الأئمة من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى اعتباره، وبناء الأحكام الشريعة عليه.
والإمام الشافعي لا يعتبر من العرف إلا ما أرشد الشارع إلى اعتباره؛ كالإنفاق على المرأة بما يقتضيه العرف؛ كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند زوج أبي سفيان:"خذي لك ولولدك بالمعروف".
وسمّى بعض الفقهاء العرف دليلاً شرعياً، والدليل الشرعي هو نصُّ الشارع على حكم، وليس العرف نصّاً للشارع، ولكن سمّاه بعض الفقهاء: دليلاً؛ نظراً إلى جريانه بالمصلحة، وجريانه بالمصلحة دليل على إذن الشارع فيه.
وقد يستدل بعض الفقهاء على مراعاة العرف في الأحكام بقوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}[الأعراف: ١٩٩]، ويضعف هذا الاستدلال: أن العرف في الآية محتمل للعرف بمعنى: الإحسان.
ويستدل عليه بعض الفقهاء بحديث:"ما رآه المسلمون حسناً، فهو عند الله حسن"، وهذا ليس بحديث، وإنما هو قول ينسب إلى ابن مسعود.
ويصح حمل المسلمين في هذا الأثر على جميع المسلمين، فيكون المراد به: الإجماع، لا مراعاة العرف.
والمعلوم من الأصول: أن قاعدة مراعاة العرف لا تؤخذ من آية واحدة، أو حديث؛ فإنها كسائر القواعد يتحراها المجتهد في موارد متعددة من الشريعة.
والأئمة الذين يقولون بمراعاة العرف، وإن لم يدل عليه دليل خاص، يقولون: إنهم تتبعوا الشريعة، فوجدوها تعتبر العرف إذا لم تكن به مفسدة،