للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتتبعوا فتاوى الصحابة - رضي الله عنه -، فوجدوهم يراعون العرف كذلك، فأخذوا من هذا دليلاً عامًا على اعتبار العرف إذا لم يشتمل على مفسدة.

وينقسم العرف الذي ذهب الأئمة إلى مراعاته:

إلى عرف قولي؛ ككنايات الطلاق؛ فإنه يعتبر ما جرى به العرف منها، وتصدر الفتوى بمقتضاه.

وعرف فعلي؛ كانتفاع المستأجر بمصعد وضعه المالك في المنزل، ولم يكن منصوصاً عليه في العقد، فجريان العرف به كافٍ في ثبوت حق المستأجر.

وعرف يجري بترك الشيء، فيأذن الشارع بما جرى العرف بتركه؛ كتسامح الناس مع من لقط ثمراً ساقطاً من غصن خارج عن البستان، فعرفهم في التسامح دليل على رضاهم بذلك، وقد أقره الشارع.

وإلغاء الشارع للعرف، بمعنى: أن ما جرى به العرف نفسه يكون مناطاً للحكم؛ كالربا، والبيوع الفاسدة، والطواف بالبيت من غير ستر، ودخول البيوت من ظهورها, فإنه جرى بها عرف الجاهلية، وهي نفسها مناط التحريم.

كما قد يكون إلغاء الشارع للعرف بمعنى: أن ينص على أن ما جرى به لا يكون وسيلة إلى حكم شرعي؛ كتبني ولد الغير, فإنه عادة جارية عند العرب، ويأخذ المتبنَى عندهم حكمَ الابن الحقيقي، والشارع نص على أن ما جرى به العرف من التبني لا يكون وسيلة لإجراء أحكام الابن الحقيقي عليه، قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: ٣٧].

وكذلك العرف الذي لم يلغه الشارع، ولم يعتبره بدليل خاص، وإنما