للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتبره المجتهد بالدليل العام، قد يكون نفسه مناطاً للحكم؛ كالاستقاء من بئر مملوكة عُرف بالعادة أن صاحبها لا يستأذن في الاستقاء منها.

وقد يكون وسيلة إلى حكم شرعي؛ كما إذا تنازع الزوجان بعد الدخول في الصداق؛ فقد جرى العرف بدفع الصداق قبل الدخول، فكان العرف وسيلة الحكم الشرعي الذي هو: القول للزوج.

وإذا نظرنا إلى الوقاع التي قال الأئمة: إنها من قبيل اعتبار العرف، وجدنا العرف إما أن يقيد المطلق، أو يخصص العام، وكذلك قال الفقهاء: إن العرف المعتبر هو الذي يخصص العام، ويقيد المطلق، وأما عرف يبطل الواجب، أو يبيح الحرام، فلا يقول به واحد من أهل الإِسلام.

ومثال العرف الذي يخصص العام: قول الإمام مالك: إن الزوجة الحسيبة شريفة القدر جرى العرف بأن لا ترضع ولدها بنفسها، بل يأتي الزوج لها بمرضع.

وهذا عرف يخصص العام في قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣].

ومن المعروف في الشريعة: أن الوكيل له أن يتصرف في الأمر الذي وكّل عليه بمصلحة الموكل، فإذا قال أحد للوكيل: اشتر لي ثوباً، وكان قاضياً، فاشترى له ثوباً لم يعتد القضاة لبسه، كان تصرفه مردوداً عليه. فالعرف يقيد المطلق، أعني قوله: اشتر لي ثوباً.

وقد أخطأ سبيل الحق من جعل العرف وحده دليل إذن الشارع، فقال: إن كشف ما بين السرة والمنبت جائز؛ لأن العمال يتعاملون بذلك، فليس هناك حاجة ولا ضرورة تدعو إلى كشف ما بين السرة والمنبت، فيجب على