فهو مثل جريانه بعقد صحيح، فالقول لمن يكون بجانبه العرف، ولو كان فاسداً؛ لأن المعنى الذي كان سبب اعتبار العرف الصحيح موجود في العرف الفاسد، فيكون شاهداً على صدق مدعيه.
وذهب فريق إلى أن العرف الفاسد غير معتبر شرعاً، فلا يجوز أن يعتبر وسيلة لحكم شرعي.
وقال المالكية: إن الغيبة، وإن كانت من الكبائر التي يعاقب عليها شرعاً، لا تقدح في الشهادة؛ لأنها لما غلبت على الناس، فالشرع يأذن بإلغائها خشية ضياع الحقوق.
وأذكر بهذا: أني كنت قاضياً في "بنزرت" وملحقاتها في تونس، فجاءتني رسالة من المحكمة الشرعية العليا بتونس بأن أقبل التجريح في شهود وثيقة، فُجِّرح بعضهم بأنه يؤخر الصلاة عن وقتها، فالتقيت بأستاذنا الشيخ محمد النجار العضو بالمحكمة العليا، فقال لي: إن تأخير الصلاة عن وقتها كالغيبة لا يجرَّح به الشهود؛ لأنه صار غالباً في الناس.
والشريعة السمحة لم تترك طريقاً للخير إلا فتحته، ولم تدع طريقاً للفساد إلا أغلقته، والعرف يعتبر إن قام على أساس وثيق، ويلغى إن جرى بالناس في غير طريق.