وقد تخفف العزيمة بجمع التقديم؛ كجمع صلاة العصر مع صلاة الظهر، وصلاة العشاء مع صلاة المغرب، وجمع التأخير؛ كتأخير صلاة الظهر إلى وقت صلاة العصر، وتأخير صلاة المغرب إلى صلاة العشاء.
وقد تطلق الرخصة في الشرع على معنى غير المعنى الذي ذكرناه في مقابلة العزيمة، وهذا المعنى هو: رفع التكاليف الغليظة، والأعمال الشاقة التي شرعها الله للأمم السابقة المشار إليها بقوله تعالى:{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}[البقرة: ٢٨٦].
مثال ذلك: نهيهم عن اصطياد السمك يوم السبت، وابتلاؤهم بمجيئه في هذا اليوم، وعدم مجيئه في الأيام الأخرى.
ولم يقع في الشريعة الإِسلامية مثل هذا التكليف الذي وقع في الشرائع السابقة؛ فإن الأمم السابقة كلفت بهذه المشاق عقاباً لها على عتوها وبغيها، كما قال تعالى بعد ذكر تلك التكاليف:{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ}[الأنعام: ١٤٦].
وفي الآية الأخرى:{كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: ١٦٣].
أما شريعة الإِسلام، فشريعة عامة في مختلف المواطن والعصور، فمن المناسب ألا يكون فيها حرج، قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨].
وقد تطلق الرخصة على أمور تناولتها قاعدة المنع، ولكن وجد في تلك الأمور وجه يقتضي إباحتها واستثناءها من قاعدة المنع، مثال ذلك: أن يعطي صاحب بستان ثمر نخلة أو نخلات شخصاً مجاناً، فإذا أراد صاحب البستان أن يشتري هذا الثمر بتمر يابس، فقاعدة منع بيع الرطب بالتمر خَرصًا (تقديري تحرّم على صاحب البستان شراءه بتمر ممن أعطاه، لكن استثني هذا من