التحريم، والوجه في استثنائه من القاعدة تضرُّر صاحب البستان من دخول صاحب الثمر في بستانه، وهو وجه يدعو إلى إباحة شرائها.
والفرق بين هذا المعنى للرخصة، والمعنى الذي ذكر مقابلا للعزيمة: أن سبب الإباحة في الوجه الأوّل متحقق في كل فرد من الأفراد المستثناة من الأصل، أما الوجه الثاني، فلا يلزم أن يكون سبب الإباحة متحققاً في جميع الأفراد، فينبني عليه جواز شراء صاحب البستان للعارية، وإن لم يتحقق تضرره فعلاً بدخول صاحب العارية في بستانه.
وإن مشقة التكاليف لا تبلغ كثيراً من مشقات الدنيا، ولاسيما إذا نظر إلى ما في التكاليف من الخير الدنيوي والثواب الأخروي.
وإننا نرى من غلبت عليه الأهواء، لا يطمئن إلى حكمة ما جاء به الشرع من الأحكام، إلا إذا ذكر له ضرر خاص يلحقه من مخالفة الشرع، حكي أن أحد الحكام طلب من عالم من العلماء فتوى تخالف الشرع، فأبى أن يفتي بذلك، وقال: هذا مخالف للإسلام، فألح عليه الحاكم، وأشار إلى عقوبته إذا لم يفْته، فقال الشيخ: أنا أستطيع أن أفتيك بما تريد، ولكن في بلاد الإِسلام الأخرى علماء للشريعة سيقولون: إن الحاكم ولّى الفتوى من يجهل الشريعة الإِسلامية.
فقال الحاكم: أنا لا أحب أن يقول الناس هذا، وانصرف عنه.