أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - كفراً، وعدّه الجمهور كبيرة.
ولا يعد عاصياً من عرف منه الدخول تحت سلطان الشريعة، وإنما خالف الجمهور بدليل شرعي من شأن العلماء أن يستدلوا به، فإذا خالف بغير دليل شرعي، فابتدع رأياً لا يقول به الشرع، فتلك ضلالة.
وورد على أحد أصدقائنا من العلماء سؤال، وأظنه من غير المسلمين، يطلب فيه معرفة الحكم في تأخير صلاة الجمعة إلى يوم الأحد، هل يعد تصرفاً مخالفاً للدين، أو لا؟ فذاكرني في الجواب، فقلت: تحويل صلاة من يومها إلى يوم آخر خروج عن الدين؛ لأنه من قبيل تغيير ما أجمع عليه العلماء، وعُلم من الدين بالضرورة، لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩].
ومعلوم من أصول الفقه: أن الشارع ذكر لكل صلاة وقتاً معيناً، وبيّن له بداية ونهاية، فذلك الوقت سبب لوجوب الصلاة وصحتها، فمن أداها في غير وقتها، لم تصح منه، ولكن الشارع إن أمر بقضائها، فقد وجد دليل على صحة قضائها بعد فوات وقتها، والجمعة عين لها الشارع وقتاً معيناً، فمن أداها في غير ذلك الوقت، فقد أداها في وقت لم ياأذن به الله، فلا تصح له صلاة الجمعة.
وسألني أحد علماء الجزائر سنة ١٩٤٣ م، وهو في طريقه إلى الحجاز عن قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[التكوير: ٢٩]؛ فإن الآية تدل على ما يشاؤه الإنسان ويفعله من معاص قد شاءه الله، فكيف يتفق هذا ومسؤولية الإنسان عن أفعاله؟
فقلت حينذاك: إن المراد من المشيئة المسندة إلى العبد في الآية هي