المشيئة المستلزمة للفعل؛ أي: التي يتبعها الفعل، فما يشاؤه العبد ويفعله، سواء كان من معصية أو طاعة، لا يقع إلا أن يشاء الله وقوعه، ويراد من مشيئة الله في الآية: المشيئة الكونية التي هي قائمة على الحكمة العامة في نظام الكون، ولا يراد من المشيئة المسندة إلى العبد المشيئة المطلقة، فقد يشاء العبد شيئاً، ويعدل عن فعله، فذلك الفعل الذي شاءه العبد ولم يفعله لم يشأ الله فعله، ومؤاخذة العبد على فعل المعاصي من جهة إرادتها وكسبها فقط، ومذهب أهل السنّة: أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
والأتقياء الفضلاء يتركون المعاصي كبائر وصغائر إذعاناً لله تعالى، لا خوفاً من عقابه فقط، بحيث لو أمنوا من عقابها، لم يعصوا الله، وهذا معنى الأثر الوارد من قولهم: نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله، لم يعصه.
وقد قضيت في عاصمة الجزائر مدة طويلة في إحدى الليالي مع أحد علماء الجزائر، وهو الشيخ الحفناوي بن عروس، وهو صاحب تأليف:"تعريف الخلف برجال السلف" في أسلوب هذا الأثر الذي رواه السعد التفتازاني في شرحه المطول عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقد رأيت بعض المحدثين ذكر أنه بحث عن هذا الأثر بحثاً شديداً، فلم يقف له على ما دلّ على أنه مرفوع أو موقوف.
وفي "الحلية" لأبي نعيم من طريق عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن سالماً لشديد الحب لله، لو لم يحب الله، ما عصاه".
فعلى المؤمنين أن يتبعوا حدود الله، ويلتزموا ما بيّنه الرسول الكريم، وأن يجنبوا أنفسهم الكبائر، ولا يستهينوا بمقارفة الصغائر؛ فإن الإصرار يجعلها كبائر.