وقال أبو سليمان الداراني، وهو من أكابرهم أيضاً: إني لتمرُّ بي النكتة من نكت القوم، فلا أقبلها إلا بشاهدين من الكتاب والسنّة.
فإذا فعل بعض من ينتمي للصوفية شيئاً، وقال: إنه عرفان من حق، ولم يشهد له كتاب أو سنّة، أو سيرة السلف الصالح، تركناه جانباً.
ومن هنا قال العلماء: المتشابه لا يكون إلا في كلام الشارع ليقضى فيه بالمحكم لحكمة يعلمها الشارع، وأما المخلوق، فيحكم على كلامه بما يقتضيه لفظه الصريح العربي؛ حتى لا يدعي المخلوق يلحد في كلامه أنه من قبيل المتشابه.
والذوق عند بعض أهل العصر: إدراك ما يليق في العمل أو المعاملات، فيقولون: فلان صاحب ذوق: إذا كان يحسن ما يعمل، أو يحسن معاملة غيره.
وقد يخطئ في الذوق بعض أهل العصر، فيستعمله في القوانين والأعمال الشرعية، وهو طبيعة تتربى بمحاكاة بعض الأجانب، وتغلو به المحاكاة إلى قوانينهم ومعاملاتهم؛ كالربا، ولا يزيد إن ذكرت له حداً من حدود الشريعة أن يقول: هذا مناف للذوق.
وإنما يحسن أن نحاكيهم فيما سبقونا إليه من الأشياء المادية؛ كالهاتف، والبرق، والأسلحة، والطائرات، والغواصات، والإذاعة، وأما الأمور العقلية المعنوية، فقد دلت المشاهدة على أنهم ونحن فيها سواء.
وإنما يعتد في القوانين بالمصالح العامة، ولا يعتد بالذوق الخاص، ولا بالذوق الذي تربى من عادة بنيت على غير مصلحة.