ويبدو له أن المناسب لقوله تعالى:{وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ}[المائدة: ١١٨] اسم الغفور، بدل العزيز، ولكن لفظ العزيز أنسب عند التأمل بقوله:{وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ}، والمعنى: إن تعذبهم، فإنهم عبادك ليس لأحد سلطان لأن يمنعك من عذابهم، وإن تغفر لهم، فلا سبيل لأحد أن يصدك عن المغفرة لهم، فإنك أنت العزيز؛ أي: الغالب على كل شيء، الحكيم الذي يضع كل شيء الموضع اللائق به.
ولو قال: فإنك أنت الغفور الرحيم، لكان معرضاً بالشفاعة لهم، وهو يريد أن يفوض الأمر إلى الله ليفعل ما يشاء، وهو العالم بما يقتضيه حالهم من التعذيب والمغفرة لهم.
وتجرأ بعض القارئين فقرأ: وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم، وعوقب معاقبة من يتعمد تبديل ألفاظ القرآن بما يوافق ذوقه الخاص.
وقواعد النحو لا يعتبر فيها الذوق الخاص؛ كما لو أراد بعض الأذواق أن يؤنث العدد للمؤنث، ويذكره للمذكر، وأن يصرف الممنوع من الصرف، فإن فعل ذلك، فقد جاء بلغة أخرى غير العربية الفصحى؛ لأنه يعتبر في قواعدها ما روي عن العرب، سواء وافق الذوق الخاص، أو لم يوافقه، ولاسيما لغة نزل بها القرآن، وألّفت بها في شتى كتب العلوم كتب قيمة.
والذوق عند الصوفية، ويعبرون عنه بالوجد: عرفان يقذفه الحق في قلوب أوليائه يفرقون به بين الحق والباطل من غير أن ينقلوا ذلك من كتاب أو غيره.
وشرط أصحابه أن يوافق قرآناً وسنّة.
قال سهل بن عبد الله التستري، وهو من أساطين الطائفة: كل وجد