للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً، ثم نقرر ما يقوم عليه الدليل من الشرع الحنيف، ولا يهمنا كثيراً أو قليلاً اتفاقهم على استحضار الأرواح، واختلافهم في ذلك، وإنما نريد أن نعلم: ما رأيهم في هذا الادعاء؟

وجدنا الدكتور يعقوب صروف ينكر استحضار أرواح الموتى، ونقل في مجلة "المقتطف" عن مجلات أوروبا وأمريكا إنكار كثير من علمائهم الذين حضروا جلسة استحضار الأرواح، وصرحوا بأنها شعوذة وخداع.

قال: ويدل على هذا: أن أشهر الذين كانوا يدَّعون مناجاة الأرواح اعترفوا آخراً أنهم كانوا يستعملون الحيل والخداع للناس، والأرواح التي يزعم مستحضروها أنها أرواح الموتى لا تفعل إلا أسخف الأعمال وأحقرها، فلا تكتشف سراً في كشفه فائدة لأحد، ولا تنبئ بأمر من الأنباء به نفع ما.

وصدق الدكتور صروف، فقد دلت المشاهدات الطويلة على أنه ليس في زعم استحضار الأرواح من فائدة دنيوية أو أخروية، سوى تسلية النفوس الفارغة من الأعمال؛ بإراءتها الباطل في ثوب الحق كبقية المظاهر السحرية.

ثم قال: وإن الذين يصدقون بمناجاة الأرواح، ويمارسون ذلك، تضعف قواهم العصبية رويداً رويداً، وينتهي أمرهم إلى الجنون، وهذا أمر معلوم يدل على أن أعصابهم كانت ضعيفة من أصلها، أو مائلة إلى الضعف، ومن كانت أعصابه كذلك، لا يركن إلى أحكامه وتصوراته.

وتعرض إلى العلماء الذين يصدقون بهذه الشعوذة، وقال: إن العلماء المنجرين أشد انخداعاً من غيرهم، حتى قال أحد المشعوذين: إن العالم الذي يجلس حيث نجلس، ويلتفت حيث نقول له أين يلتفت، هو الرجل الذي تجوز عليه حيل الشعوذة، ويرى ويصدق ما لا يراه ولا يصدقه تلامذة المدارس.