فقد أعطاه الله من المعجزات الواضحة ما خضعت له الفطر السليمة، والعقول المتمرنة على الأصول المنطقية، وأهمها الكتاب العزيز. فمن لم يؤمن به، لم يؤمن بالله الإيمان المعتد به؛ لأنه كذّب المعجزات التي أظهرها الله تأييداً لدعوته، ولأن من كذّب الرسول لا يؤمن بالهدى الذي أرسل ليبلغه إلى الأمة، قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥].
فجعلهم في الآية غير مؤمنين إذا وجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضى به عليهم ..
فجعل عدم الإيمان بالرسول قاضياً عليهم بالكفر، ولا يتحقق الإيمان بالله إلا بتحقق الإيمان بالرسول، ولا يتحقق الإيمان بالرسول إلا بتحقق الإيمان بالكتاب الذي أرسل به، قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} البقرة: ٨٩].
ومن لم يؤمن بالقرآن، فقد جحد ما قام الدليل القاطع على أنه من عند الله، فيكون غير مؤمن بالله إيماناً صحيحاً، قال الله تعالى:{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: ١٥٧].
ولا يكون متبعاً للنور الذي أنزل معه إلا إذا اعتقد أن الحكمة فيما يأمر به، أو ينهى عنه.
فالإيمان بالرسول والكتاب الذي أرسل به أساس متين للإيمان بالله.