للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن لا يؤمن بالله، فلا يسمى عمله صالحاً، وإنما هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.

والآيات دالة على أن الإيمان بالله لا يكون مقبولاً إذا تبعها الإيمان بالرسول والكتاب الذي أنزل معه هدايةً للمتقين.

وأما الآية - أعني قوله تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢].

فالقرآن قد يورد الكلام مطلقاً، ويعتمد على تقييده في آية أخرى، فقيد المتفقهون الآية المطلقة بالآية الأخرى.

ولا يطلق القرآن، والمعنى قاض بالشرط، ما لم يكن الشرط مأخوذاً من قاعدة معروفة، أو لفظ صريح. والآيات الكثيرة تدل على أن من لا يؤمن بشريعة الإسلام، وقد بلغته دعوة الرسول - صلوات الله عليه -، فليس بمؤمن.

والمراد من {وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} في الآية: الذين انقرضوا، ولم تبلغهم دعوة الرسول الذي أرسل بالكتاب الحكيم.

فإذا بُينت الآية بهذا الوجه، كنا فهمنا القرآن على وجه يتفق مع الآيات الأخرى، وينسجم مع الإجماع الذي مشى عليه علماء الإسلام.

ويؤيد هذا الوجه من التفسير: ما ذكره السيوطي في أسباب نزول الآية؛ من أن سلمان الفارسي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه الذين كان معهم، فنزلت الآية.