والعلم لم يصل إلى أن يسخر الريح، فيكون البساط غدوه شهر، ورواحه شهر، ولم يصل إلى نقل الجسم في أقرب وقت إلى مسافة بعيدة من غير استعمال الأدوات المعروفة في علم الطائرات.
ومن المعجزات ما لم يصل إليه العلم، ولن يصل إليه العلم؛ كمعجزة القرآن لمحمد - عليه الصلاة والسلام -، وإحياء الموتى لعيسى - عليه السلام -.
كنت مصححاً في القسم الأدبي في دار الكتب المصرية، وطلب مني بعض من تعرفت به استعارة خطاب من الشيخ جمال الدين الأفغاني إلى (رينان)، فاستعرت له الخطاب، وكان باللغة الألمانية، فأعطاه لمن يعرف اللسان الألماني، فترجمه له، فأتاه مترجم وأنا معه في منزله، وقال له: وجدت الشيخ جمال الدين يقول لرينان: إن الإسلام لا يطابق العلم والمدنية، فقلت: لعل المترجم أخطأ في الترجمة، فأعطيت الكتاب لمن يعرف الألمانية جيداً، فقال مثل ما قال المترجم. ويبقى لمن يعتذر للشيخ جمال الدين أنه كتب الخطاب بالعربية أو الفرنسية، والخطأ نشأ من الترجمة. على أن القرآن والحديث النبوي الصحيح بين أيدينا، وليس فيهما ما يخالف المدنية الفاضلة.
وكنت في برلين آخذ دروساً في الطبيعة والكيمياء عن المستشرق (الدكتور هردل)، فأخبرني الدكتور بأن أحد الألمان قرأ القرآن، وأسلم، وقال الدكتور: إن الإسلام حقيقة تكلم في التوحيد بما لم يتكلم به دين آخر، وأخبرني من أثق به من الهنود: أن الدكتور إقبال رجع من إنجلترا، فأخذ يتلو القرآن بتدبر، وقال: لو علمت أن القرآن فيه هذه الفلسفة، ما سافرت من أجلها إلى لندن.
وروي: أن أبا الوليد الباجي عالم الأندلس أتى إلى الشرق، ودرس