ودفع العلماء هذا الاستشكال بشعاع الشمس الذي يخرج منها، ويقطع الكثير من الأميال في وقت قريب، ولكن العلم بالطائرات دل على أن الجسم يقطع المسافة الطويلة في وقت قريب.
قلت للأستاذ محمد المكي (١) في الآستانة - وكان مدرس علم الحديث في دار الفنون -: هل استمعت لمعروف الرصافي؟ - وكان مدرس علم آداب اللغة العربية في دار الفنون أيضاً-، فقال: ما اجتمعت به، فجاء يوماً، وقال: اليوم كنت جالساً عند المدير - وهو تركي -، فدخل إنسان، وقال المدير: هذا معروف الرصافي، فجاءت المناسبة إلى قوله تعالى:{غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}[سبا: ١٢].
وقال معروف الرصافي: إن سليمان كان يعرف علم الطائرات، فقال المدير تلك معجزة سليمان. قالها مرتين.
ويؤخذ من هذا أن العلم قد يأتي بما تكون صورته كصورة المعجزة. والفرق بينهما: أن المعجزة من فعل الله الذي لا دخل للمخلوق في شأنها، وما يصل إليه العلم إنما حصل بالتجارب التي عرفها العلماء، واستطاعوا أن يعملوا مثلها.
على أن ما وقع من سليمان - عليه السلام - لم يصل إليه العلم، فإن بساط سليمان كان يسير به الريح، كما قال تعالى:{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ}[ص: ٣٦].