وقال صاحب "القاموس": سمي حلف الفضول؛ لأنهم تحالفوا ألا يتركوا عند أحد فضلاً يظلمه أحداً إلا أخذوه له منه.
وقد انشرح - صلى الله عليه وسلم - لهذا الحلف، وكان قبل النبوة يعمل كل ما فيه خير، فلما جاء الإسلام جعل مكافحة المظالم من مقاصده. وأكده بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" رواه أحمد في "مسنده"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وكان العرب يقولون: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، وذكر - صلى الله عليه وسلم - هذه الجملة بعينها، فقالوا: ننصره إذا كان مظلوماً، فكيف ننصره إذا كان ظالماً؟ فبين لهم كيف تكون النصرة مطابقة للحكمة، وقال:"تحجزه عن الظلم بأن تأخذ على يده، فإن ذلك نصره".
وكان الخلفاء في صدر الإسلام يباشرون المظالم بأنفسهم، فلما تجاهر الناس بالمظالم، كان أول من أفرد لها يوماً عبد الملك بن مروان، يقصده فيه المتظلم.
وجلس عمر بن عبد العزيز بعد دفن سليمان بن عبد الملك، ونادى مناديه: ألا من كانت له مظلمة، فليرتجعها، وجعل لا يدع شيئاً مما كان في يد سليمان بن عبد الملك أو أهل بيته إلا ردها مظلمة، وقيل له: يخاف عليك من ردها العواقب. فقال: كل يوم أتقيه دون يوم القيامة فلا وقيته!.
ثم خلفاء بني العباس. وأول من جلس لها المهدي، ثم الهادي، ثم الرشيد، ثم المأمون، إلى أيام المهتدي المتوفى سنة مئتين وخمس وخمسين من الهجرة. ثم ردّوها إلى القضاة. ثم أفردوا لها والياً يندب للنظر فيها في جميع الأيام.