الحكمة، ويستقيم به النظام؛ كعلم الرياضة؛ من حساب وهندسة وجبر، وعلم الجغرافيا، وعلم الفلك؛ وقد قال بعض الأئمة: يجب على القاضي مراعاة الهندسة. وحكى قضية أخطأ فيها قاض جاهل بعلم الهندسة، وأصاب فيها قاض عارف بأصولها.
وقد شاع علم أصول الهندسة بين المسلمين، حتى أدخل بعض اصطلاحاتها أحد الشعراء في منظومته، فقال:
كأن فؤادي مركز لهم وهم ... محيط وأهوائي إليه خطوط
وعلم الجغرافيا غير خارج عن دائرة الإيمان؛ إذ فيه فوائد كثيرة.
وأخبرنا أستاذنا الشيخ سالم أبو حاجب: أنه لما سافر إلى الآستانة، سأله أحد قواد الجيش عن حكم تعلم الجغرافيا في الإسلام، فقال له الشيخ: واجب أن يتعلمه طائفة من المسلمين، فقال له القائد: إنه قيل لي: إنه يحرم دراسته، فقال له الشيخ: أنت كبير جماعة من الجيش، لو جاءك الإذن من الحاكم الأعلى أن تذهب بالجيش إلى بلد كذا لتقاتل أهلها، فإذا لم تكن عارفاً بالمسافة التي بينك وبين البلد، ولم تكن عارفاً بما يوجد في طريقك مما يحتاج إليه الجيش، ولم تكن عارفاً بحالة البلد الذي أمرت بمقاتلة أهله، لا يمكنك أن تعد للجيش العدة التي تجب له، وتلقي به في تهلكة؛ وهذا مثال يعطيك أن الإسلام يأذن بكل علم فيه مصلحة.
وسمعت أستاذنا الشيخ إسماعيل الصفائحي القاضي ينكر على من منع من تعلم الجغرافيا، ويقول: إن عمر بن الخطاب قال في وصيته لبعض قواد الجيش: "كونوا أعلم بأرض العدو منهم".
وتحدث أحد كبار الرجال عن بلد في قارة أوربا، ونسبها في الكتابة