للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي يعد اجتنابه من المروءة، فيكون النهي عنه من جهة استقباح الناس له فقط، ولهذا يقول الفقهاء: إنه يختلف باختلاف المواطن والأزمان؛ مثل: كشف الرأس؛ فإنه كان يخالف المروءة في الشرق، ولا يخالفها في بلاد الغرب.

ومن حسن سمت الرجل: أن يلبس ملابس أمثاله في البلد الذي استوطنه، ولم نر في التاريخ أن قاضياً يخالف لبس القضاة إلا ابن بشير؛ فقد كان قاضياً في قرطبة، ولا يلبس لبس القضاة. ومن يحافظ على لبس وطنه، أو اللبس الذي نشأ فيه مما لا يستهجنه الناس، نتركه وشأنه؛ فإن الإنسان يصعب عليه أن يغير الملبس الذي نشأ فيه.

وقد حكى المؤرخون: أن أبا العباس الميكالي طلب منه أن يتقلد ديوان الرسائل، فاشترط أن يبقى بلبسه المعتاد له، فأخبر السلطان بذلك، فرضي بشرطه، فكان يجلس بالديوان متعمماً متطلساً، ويؤتى له بالرسائل، فيقضي فيها بما يقتضيه العلم.

ولا يخرج عن حسن السمت المزح القليل الصادق؛ فإن فيه ترويحاً للنفس، وأنساً للجليس، وكان - صلى الله عليه وسلم - وهو الإمام الأعظم - يمزح نادراً، ولا يقول إلا حقاً.

وروى المؤرخون: أن منذر بن سعيد البلوطي - مع ما أحيط به من الوقار - كان يمزح قليلاً.

وحكى المؤرخون أيضاً عن القاضي شريح بن الحارث، وكان قد استقضاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على الكوفة: أنه كان يمزح حتى في مجلس القضاء مع الخصوم.