للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يقول المؤرخون بعد أن يصفوا العالم بالزهد والصلاح: وكان رقيق الطبع في النادرة، فلا يردها إذا أمكنته.

وبقدر محافظة الإنسان على حسن السمت تكون مهابته في قلوب الناس.

ومن حسن السمت: ألا يفر المرء من صف القتال خوفاً من الموت؛ فإن الفار من صف القتال يعد من قبيل الجبناء الذين يحبون الحياة على أي حال، ويؤثرونها على الموت في سبيل الدعوة إلى الحق، وعوتب أحد الكبار عن فراره من وجه العدو، فاعتذر بأنه فرّ من الأسر وما يلحقه فيه من الإهانة، ولو علم أنه يموت في صف القتال، لما فر، وهذه الدعوى ربما تقبل من شجاع معروف لا يهاب الموت.

وقال بعض اليهود للمسلمين يعاتبونهم على الجولة التي وقعت لهم في غزوة أحد: إنكم فررتم يوم أحد، فقال له المسلم: ولكن رسول الله لم يفر.

وواقعة أحد لله فيها حكمة، وقد ذكرها الكتاب المجيد، وفصلتها السيرة أحسن تفصيل.

والعامة والخاصة من الناس يرون أن العالم الذي خالف الشريعة قد اختل سمته، ومن رضي منهم أن يموت في السجن، ولا يخالف الشريعة بما يطلب منه، فقد حافظ على حسن سمته الذي أمره الله بالمحافظة عليه.

ويرى الذين ضربوا أو سجنوا؛ كمالك بن أنس، وأحمد بن حنبل - رضي الله عنهما -: أن السجن أو الضرب لا يمس حسن السمت، ويرى أناس: أنه إهانة لهم؛ إذ هو يخالف هيبتهم التي يحملها الناس لهم.

ويرى سائر الناس: أن تحمل الأذى، والصبر على المكاره يزيد في