وقال المؤرخون: لم يزل مالك بعد ذلك الضرب في علو ورفعة؛ كأنما كانت تلك السياط حلياً حُلّي به. وكذلك أحمد بن حنبل كان ما وقع له من الضرب والسجن في التاريخ ذكراً مجيداً، وكانت هيبته عند الناس فوق ما يقتضيه علمه وروايته.
روي أن عالمين دخلا على ملك جالس على بساط من حرير، أما أحدهما، فأخذ يطوي البساط من جهته حتى وصل إلى الملك، وأما الآخر، فقد داس على البساط، وفرش رداء عندما وصل إلى الملك، وجلس عليه، وقد رأوا أن جلوسهما على بساط من حرير يخل بسمتهما، وينافي كرامتهما عند الله، وعند الملك وحاشيته.
وكان أستاذنا الشيخ محمد المكي بن عزوز (١) يدرس لنا في جامع القصر بتونس شرح ابن هشام لقصيدة كعب بن زهير في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن جملتها أبيات غزلية، وكان الشيخ يشرح الأبيات الغزلية، فدخل جماعة من العامة، وجلسوا بالحلقة، فخشي الشيخ أن ينكروا عليه شرح الأبيات الغزلية، فانتقل في الحال إلى حديث زاهر - رضي الله عنه - ودخول النبي - صلى الله عليه وسلم - السوق، وزاهر يبيع شيئاً أمامه، والقصيدة بأبياتها الغزلية مقطوعة السند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن ألغى أحكام الشريعة، وأتى عوضها بقانون وضعي، فقد خرج بالقضاة عن سمتهم المهيب.
وقد يخرج الإنسان على حسن السمت بالقول؛ كمن ينطق الفحشاء،