للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ (١) ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: ٧ - ٨]؛ لصحة أن تُحمل العماد على عماد الأخبية. ثم إن نزولهم بالأحقاف لا يمنع من أن تكون لهم مبانِ ضخمة. والقرآن الكريم يشير إلى هذا فيما قصَّه الله تعالى علينا من مواعظ هود - عليه السلام - إذ قال: [أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: ١٢٨ - ١٢٩] (٢).

وكان هؤلاء القوم يعبدون آلهة غير الله، ولم يصرح القرآن الكريم بما كانوا يتوجهون إليه بالعبادة على وجه التعيين، ويروى أنهم كانوا يعبدون الأصنام (٣). وجَمْعُ الآلهة في قوله: {بِتَارِكِي آلِهَتِنَا} [هود: ٥٣]، وجَمْعُ الأسماء في قوله: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [الأعراف: ٧١] يدل على أن عاداً كانت تعبد آلهة متعددة.

ويقال: إن عاداً أول من عبد الأصنام بعد الطوفان، والقرآن الكريم إنما يدل على أن بعثة هود كانت بعد بعثة نوح - عليه السلام -، قال تعالى فيما يقصه من قول هود لقومه: [واذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: ٦٩]؛ أي: خلفاء من بعدهم؛ لتعتبروا بما كان من عاقبتهم، وتشكروا الله على ما أعطاكم من قوة، ووهبه لكم من نعمة.


(١) هو إرم بن سام الذي هو أحد جدود عاد، فإرم بدل من عاد؛ لأن أولئك القوم
يطلق عليهم اسم جدهم عاد، واسم جدهم إرم.
(٢) الريع: الجبل، أو المكان المرتفع، والآية: القصر، والمصانع: ما كان من نحو الحصون ومجاري المياه.
(٣) قال المسعودي في "مروج الذهب": كانوا يعبدون ثلاثة أصنام، وهي: صمود، وصداء، والهباء، وقال المسعودي أيضاً: إن عاداً كان يعبد القمر.