للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعث الله هوداً - عليه السلام - إلى هؤلاء القوم، فدعاهم إلى نبذ عبادة غير الله، وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده، قال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٦٥]. وذكر في وعده لهم على إجابة دعوته أن لهم قبل خير الآخرة خير الدنيا، فقال: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: ٥٢]. وهذا ما يناسب دعوة القوم الذين غرقت قلويهم في الحرص على الدنيا: أن يبشروا بأن الاستقامة على هدى الله أعظم وسائل السعادة في هذه الحياة.

وتوعَّدهم بعقوبة الدنيا والآخرة إذا هُم تمادَوا في غيِّهم، فقال: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [هود: ٢٦]. وقال: {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [هود: ٥٧].

ولم يكن من قومه إلا أن كذَّبوه، وتنقَّصوه، وجحدوا ما جاء به من الآيات، وأصروا على ما وجدوا عليه آباءهم من عبادة غير الله، فقالوا فيما قصه الله تعالى من إجابتهم لهود: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [الأعراف: ٦٦]، وقالوا: {جِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الأعراف: ٧٠]، وقال تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [هود: ٥٩].

ووقف هود - عليه السلام - موقف من لا يهاب أهل الباطل، ولا يبالي بهم، ولا بما هم فيه من قوة وطغيان، ولا بما طبعوا عليه من الحرص على إذاية الداعين إلى الحق، والمبادرة إلى البطش بهم، فقال: {نِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي