بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أُخرج منه، وبلغت به أساس إبراهيم".
وله - صلى الله عليه وسلم - في الحث على فعل الشيء، أو الزجر عنه طرق حكيمة:
منها: إعطاء الوسائل صورة ما تفضي إليه من المصالح أو المفاسد؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الدال على الخير كفاعله" فقد أراك الدلالة على فعل الخير في صورة فعل الخير نفسه؛ إذ جعلهما بوسيلة التشبيه في منزلة واحدة، وذلك مما يقوي داعية الدلالة على الخير في نفسك، وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من كبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه؟ قيل: يا رسول الله! وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال:"يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه".
فانظر كيف أعطى سب الرجل لأبي الرجل صورة سب الرجل لوالديه، وفي ذلك من تكيد الزجر عن إطلاق اللسان بالسب ما لا تجده في النهي عن سب الناس بطريق غير هذا الطريق.
ومنها: إعادة الجملة ثلاثاً؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن"، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال:"الذي لا يؤمن جاره بوائقه".
وقال:"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب عليه النّار". قالوا: وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال:"وإن كان قضيباً من أراك، وإن كان قضيبا من أراك، وإن كان قضيبا من أراك".
ومنها: أنه كان يقرن القول ببعض إشارات حسية تناسب المعنى، والإشارة بنحو اليد مضمومة إلى القول يزداد بها المعنى جلاء، ويأخذ بها في النفس صورة غير صورته المجردة عن الإشارة، ومثال هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، وشبك بين أصابعه.
ومنها: افتتاحه الكلام بسؤال المخاطيين عن الشيء الذي يريد تعليمهم