للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النافع، والعمل الجلل، والخلق الكريم. فالإِسلام ليس هو الدين الذي يرضى لمعتنقه أن يكون كعجوز في محرابها بيدها سبحة، بل هو الدين الذي يسير بأوليائه في سبيل العزة والسيادة والعظمة، وقد جرت سنة الله بأن يكون الناس في هذا السبيل على درجات متفاوتة.

يسوق كاتب المقال حديث: "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" مستشهدًا به على أن محمداً - عليه الصلاة والسلام - يأبى أن يكون في الناس عظماء، والحديث إنما ورد في مقام النهي عن العظمة التي هي بمعنى الفخر والكبرياء، وذلك لم يرده كاتب المقال؛ لأنه يجعل مدار حديثه على العظمة التي يبحث عنها الناس عند ذكر محمد - عليه الصلاة والسلام -، لقد عرفتم وجوه هذه العظمة، ومن تفقه في التقوى، عرف أنها الوسيلة الكبرى للعظمة الصادقة؛ فإنها بذل الإنسان جهده وسعيه في طرق الفلاح، ومن تقوى الرجل الذي رزق ألمعية متوقدة، وهمة سامية: أن يقتحم الأخطار، ويقذف بنفسه في معالي الأمور، فإذا هو في جلال وعظمة، وإن لم يجد الزهو والكبر إلى نفسه منفذاً.

قال صاحب المقال: "لم يكن محمد بن عبد الله يؤمن بتلك العظمة الأرضية التي يؤمن الناس بها، وهي ذل للنفوس العالية، وشرك بالله رب العالمين".

لا نفتأ نذكر أن كاتب المقال يتحدث عن العظمة التي يتجه الناس إلى البحث عنها عندما يذكر محمد - صلوات الله عليه -. والناس لا يتجهون عندما يذكر محمد إلا إلى العظمة القائمة على معالي الأمور، وعظمة هذا شأنها، عظمة يأذن بها الله، ويدعو إليها رسله، وسموها بعد هذا أرضية إن شئتم، أو سماوية،