للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليست هذه العظمة ذلاً للنفوس العالية، ولا شركاً بالله رب العالمين، وإنما ذلك شأن العظمة بمعنى: الكبرياء أو الأبهة، وهذا المعنى لا يتجه الناس إلى البحث عنه عندما يذكر المصطفى - صلوات الله عليه -.

ولا ننسى أن كاتب المقال قد ذكر في مظاهر العظمة: العلم، والنبوغ في فن أو صناعة، ومن ذا يستطيع أن يقول أو يتصور أن العلم والنبوغ في الفن أو الصناعة ذلّ للنفوس العالية، وشرك بالله رب العالمين؟!

كلا، ليس العلم والنبوغ في فن أو صناعة ذلاً للنفوس العالية، وشركاً بالله رب العالمين. وهذا شأن كل عظمة تقوم على شرف وخير.

قال صاحب المقال: "من كان يريد من عبَّاد الملْك وعظمته أن يضع محمداً بين عظماء الملوك، فما كان محمد ملكاً، ولا رضي أن يكون ملكاً، فإن أصر العائدون من أشباه العلماء على أن يعدُّوه مع الملوك، فهل يستطيعون أن يعدوا مملكة محمد إلا تلك الجزيرة الصغيرة جزيرة العرب؟ وأين جزيرة العرب من ملك الأقاصرة والأكاسرة؟ وأين ملك تلك الجزيرة بين ملوك الإمبراطوريات العظمى الذين بسطوا أيديهم فوق مشارق الأرض ومغاربها، وبحورها وجزائرها؟! ".

الناس في واد، والكاتب في واد، يرى الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء بعقائد وآداب وشريعة، وإن هذه العقائد والآداب والشريعة هي سبيل الله الذي قام - عليه الصلاة والسلام - يدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.

وكانت بعثته تتناول القيام على هذه الآداب والنظم الاجتماعية، وحمل الناس عليها بالقضاء والتنفيذ، قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]. وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ