للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]، وقال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠].

جاء الرسول - عليه الصلاة والسلام - بآداب ونظم اجتماعية، وكان يسوس الناس بهذه الآداب والنظم، ومن يدبر شؤون أمة، ويجري عليها قانون شريعة، فهو ولي أمرها، وبيده مقاليد سياستها، وهذه حقيقة جلية جلاء الشمس في رونق الضحى، ولكن كاتب المقال يرغب في أن تكون الأذهان خالية من هذه الحقيقة، فما كان إلا أن جاء إلى كلمة عهدها الناس محفوفة بالأبهة والزينة، وهي كلمة (ملك)، وأخذ يدعي أن أشباه العلماء يعدون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملكاً، ونحن لا نعلم في العلماء أو أشباه العلماء من قال: إنه كان ملكاً، أو أطلق عليه اسم ملك. بل كان الناس يتحامون بهذا الاسم خلفاءه الراشدين.

وإنما كانوا يذكرون تلك الحقيقة الثابتة بالقرآن والسنة والإجماع، وهي أن محمداً - صلوات الله عليه - مبعوث بشريعته، وأنه كان يقوم على تنفيذ هذه الشريعة.

ذهب كاتب المقال ينفي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظمة الحكم؛ بعلة أنه لم يكن له سلطان إلا على تلك الجزيرة الصغيرة جزيرة العرب. يقول هذا، كأنه لا يدري أن العظمة التي يتجه الناس إلى البحث عنها في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول إنما هي العظمة التي تطمح إليها همم الفضلاء، وتجلها قلوب الحكماء.

يعلم الناس أن محمداً - صلوات الله عليه - لم يقم ليشيد ملكاً، ولم