"وأيْم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد يدها". ثم هو بعد ذلك يملأ العيون جلالًا، وتلقي إليه القلوب بالمودة وحسن الطاعة. إلى مثل هذا ينظر الذين يعدون في وجود عظمة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حكمه العادل، وسياسته الحكيمة، وهم أكيس من أن ينظروا إلى سعة المملكة، وكثرة الجنود.
قال صاحب المقال:"ومن كان يريد أن يضع محمداً بين عظماء أهل المال والغنى، فما كان فيهم إلا فقيراً مقلاً".
إن الذين يتجهون إلى البحث عن عظمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لا يعدون المال في مظاهر العظمة. وليس المال إلا وسيلة، إما إلى خير، وإما إلى شر، ولو أوتي رجل سعة من المال، فركض به في شهواته، ولم ينفقه إلا في لذة أو زينة، لكان البائسُ الفقير الذي يزيد عليه بمثقال من علم أو فضل أقربَ منه إلى العظمة.
وإذا لم يكن المصطفى - صلوات الله عليه - في ثروة وأموال تحف به في كل وقت، فإن الحال التي تمر عليه، وهو في كفاف من العيش، لا تختلف عن حاله يوم تنساق إليه الأموال ركامًا، فهو في حالتي كفافه ويساره يمثل الصبر والسكينة، والزهد والسخاء.
فالذين يبحثون عن عظمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجدونها في حال كفافه بمقدار ما يجدونها في حال يساره، شبرًا بشبر، وذراعاً بذراع. ولا يخدش الفقر والإقلال في عظمة الرجل إذا نهضت به الحكمة والعزم والإخلاص، وأرغم أنوف الطغاة أو الأغنياء الذين يمشون في الأرض مرحاً.
قال صاحب المقال: "ومن كان يريد أن يضعه بين القواد الفاتحين،