على اتحاد الواقعيتين في علة الحكم، كان حكم الواقعة المقيسة تابعاً لحكم الواقعة المقيس عليها، في دوامه بدوام العلة.
قال كاتب المقال:"وقد قام محمد النبي بحق رسالته، فبلغ النوع الأول كما أمره بتبليغه، وقام محمد الفقيه الأول بحق بشريته، فرسم طريقة الاجتهاد، وعني بالتطبيق العملي عليها، وبأن يعبرها لمن يجيء من بعده من الخلفاء والقضاة والأئمة".
ليست البشرية هي التي أملت على محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يجتهد في أحكام شريعة إلهية، وليست البشرية هي التي أرته كيف يرسم طريقة الاجتهاد في هذه الأحكام المقدسة، وأحكامٌ ينبني على قبولها ورفضها المصيرُ إلى الجنة أو النار، لا تُترك للبشرية تتصرف فيها كما ترى، بل الاجتهاد الفقهي هو وليد الرسالة، فالرسالة هي التي أعدت وسائله العلمية، ومنها عرف النبي - عليه الصلاة والسلام - كيف يرسم طريقته العملية.
قال كاتب المقال:(اجتهد، وقاس، وحكم، وأفتى بالحاجة وتقدير المصلحة، وساس الأمة بما أراده الله، كما هو الشأن في المجتهدين والحكام).
الذين يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يجتهد في أحكام الشريعة، يفرقون بين اجتهاده، واجتهاد غيره من المجتهدين والحكام؛ بأن غيره يجتهد في تفهم النصوص، ودفع ما. يقع بين الأدلة من التعارض، ويجتهد في قياس بعض الحوادث على أمثالها المنصوص على أحكامها، أما اجتهاد النبي - عليه الصلاة والسلام -، فإنما هو قياس بعض الحوادث على نظائرها، ذلك أن النصوص قد وكِل إليه بيانها، فلا تخفى عليه منها خافية، وتعارضُ الأدلة