الصلاة والسلام -: "فلعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع".
والقضاء - على ما يقتضيه الإقرار أو البينات أو الأيمان - حكم مطابق لما أمر الله أن يحكم به، فلو كان الإقرار في باطن الأمر كاذباً، أو البينات مزورة، أو الأيمان حانثة، كان حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - مصيباً ما دامت وسائل القضاء من الإقرار ونحوه قد استوفت شروطها المعتد بها في نظر الشارع.
وإنما يظهر خطأ الاجتهاد في تقرير حكم شرعي لم يوح إليه به، أو إجراء حكم على غير الوجه الذي وضعه الشارع الحكيم، وهذا ما اختلف العلماء في وقوعه، وأجمعوا على أنه متى وقع لا يقر عليه.
قال كاتب المقال:"وكان يكل الجهاد إلى أمرائه وقضاته دون أن يقيدهم بالرجوع إليه".
كان الكاتب يتحدث عن اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويأخذ في حديثه كل مأخذ، ولا ندري ما موقع هذه الجملة التي تتعلّق بحال أصحابه عند غيبتهم وبعدهم عن موطن الوحي! حشرها هاهنا، ثم عاد إلى ما كان بصدده من اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى الغاية التي وضع من أجلها المقال.
يكل الجهاد إلى أمرائه وقضاته دون أن يقيدهم بالرجوع إليه؛ لأنه يكله إلى رجال تفقهوا في الدين بما سمعوا من القرآن الحكيم، وتلقوه من السنَّة المطهرة، وكانوا من مقاصد الشريعة على بصيرة، فهو على ثقة من أن أولئك الرجال سيسيرون في إمارتهم وقضائهم ونورُ علمهم وإيمانهم يسعى بين أيديهم، فإذا عرض لهم أمر لم يكن لديهم فيه كتاب أو سنة، تصرفوا فيه على