للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على سياسة رسم الوحي دائرتها، وفرض على الناس طاعتها، ما كان جزاء من يخالفها إلا جزاء من يخالف سلطانًا تقوم سياسته على آراء لا تتصل بالوحي في أصل ولا فرع، وهو عقوبة السلطان، أما عقوبة الله، فإنما يستحقها من كان لله عليه حجة، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُول} [الإسراء: ١٥].

وسمَّى كاتب المقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الجمل: رئيس المسلمين، وزعيم قوميتهم؛ ليقرر في نفس القارئ أن ما يصدر عنه بصفة الإمامة لا علاقة له بالرسالة، وإنما هو بمنزلة ما يصدر عن غيره من الزعماء والقادة في القديم والحديث.

وقال كاتب المقال في هذه الجمل: "يعمل على تركيز أمته، وطبعها بطابع تتميز به عن سائر الأمم"، وهذا كلام صحيح متى فهمنا أن أمته كل من دخلوا في دينه من العرب والعجم، وأن ما يقوله لتركيزها وطبعها بطابع تتميز به عن غيرها من الأمم، لا يختص بخطابه قوم دون قوم، ولا عنصر دون عنصر، ذلك أن ما يقوله في هذا الصدد إما أن يكون عن وحي، وإما أن يكون عن اجتهاد يتصل بالوحي.

وقال الكاتب في هذه الجمل: "ويلحق بذلك كل ما ورد عنه مما يتعلق باللباس والأزياء والتشبه بقوم، ومخالفة اليهود والنصارى والمجوس والمشركين".

ترك الشارع أمر اللباس إلى العادات، ولكن التشريع دخل في اللباس من بعض الجهات؛ كان يكون طاهرًا نظيفاً ساترًا لما يجب أو يحسن ستره، ولا أظن أحداً يستطيع أن يقول: إن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير والذهب إنما هو من قبيل ما يصدر عنه بصفته رئيس المسلمين، وزعيم قوميتهم، فقد