قال - عليه الصلاة والسلام -: "حُرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي"، ولا شبهة في أن الذي حرم لباسهما هو الله تعالى، وقال:"ومن لبس الحرير، في الدنيا، فلن يلبسه في الآخرة"، وإن لم يكن مثل هذا الحديث وحياً، فمن أين علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من لبس الحرير في الدنيا لا يلبسه في الآخرة؟
يقول كاتب المقال في هذه الجمل:"إن كل ما ورد عنه مما يتعلق بالتشبه بقوم، ومخالفة اليهود والنصارى والمجوس والمشركين، صادر عنه - صلى الله عليه وسلم - بصفته رئيس المسلمين، وزعيم قوميتهم".
ونقول: وردت أحاديث في النهي عن التشبه بالمخالفين، ويلغت هذه الأحاديث أن تقررت بها قاعدة يرجع إليها الفقهاء في بعض ما يتجدد من الحوادت العائدة إلى هذا القبيل.
وكل أحد يتفقه في هذه الأحاديث، ويبحث عن أسرارها، يرى رأي الحق: أن شريعة الإِسلام تكره للمسلمين أن يتشبهوا بغيرهم من أهل الملل والمذاهب الأخرى، ولا يرتاب في أن النهي عن هذا التشبه داخل في دائرة أحكامها.
والأحاديث الواردة في كراهة التشبه بالمخالفين نوعان:
أولهما: أحاديث وردت في النهي عن أشياء تشتمل على وجوه من الفساد، ويقول فيها - عليه الصلاة والسلام -: هذا من فعل المشركين، أو اليهود - مثلاً -, أو يقول فيها: وخالفوا اليهود أو المجوس. فالمقتضي الأول للنهي عنها: هو ما في الفعل من مفسدة، والإخبار بأنها من أفعال أهل ملة باطلة يراد منه: زيادة التنفير منه، وتكيد كراهة الشارع له، ومثال هذا: قوله - عليه الصلاة والسلام -: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى