والأشعري نسبة إلى أشعر أبي قبيلة باليمن، فنسبه عربي صريح، ومولده بالبصرة سنة ٢٦٠ ستين ومئتين.
* نشأته العلمية:
نشأ الأشعري بالبصرة، وهي يومئذ زاهية بالعلوم الدينية والعربية وفن الكلام، فأخذ السنّة عن الحافظ زكريا بن يحيى الساجي، وأبي خليفة الجمحي، وسهل بن نوح، ومحمد بن يعقوب المقري، وعبد الرحمن بن خلف الضبي، وقد أكثر في تفسيره من الرواية عن هؤلاء، ثم رحل إلى بغداد، وأخذ عمن لقيه فيها من علماء الحديث.
ودرس علم الكلام على مذهب المعتزلة، فكان يتلقى على طائفة من كبارهم؛ مثل: أبي علي الجبائي، والشحام، والعطوي، وكان متقدمًا في هذا العلم على أقرانه، وسنحدثك قريباً عن براءته من مذهب المعتزلة، ورجوعه إلى مذهب أهل السنة.
وإذا لم يُذكر الأشعري في طبقات المحدثين، فلأنّ همته لم تكن مصروفة إلى الإكثار من الرواية، وإنما كان يبذل جهده في تعرف آراء الفرق، والغوص على الحجج التي تنقض شبههم، وتدمغ باطلهم، فلا بأس عليه مما وصفه به بعض الحنابلة من أن خبرته بمقالات أهل الكلام أوسع من خبرته بمذاهب أهل الحديث، وكثير ممن عاصروه، أو تلقوا عنه، قد شهدوا له بغزارة العلم، وحسن التصرف فيما يعلم، وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني: كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الباهلي كقطرة في جنب البحر، وسمعت الباهليّ يقول: كنت في جنب الأشعري كقطرة في جنب البحر.
وهذه الشهادة - وإن كانت صادرة عن تواضع من أبي الحسن الباهلي -