لا تخلو من إيماء إلى عظم منزلة أبي الحسن الأشعري في العلم.
* مذهبه في أصول الدين:
كان أبو الحسن الأشعري في مبدأ أمره على مذهب الاعتزال، ولزم أبا علي الجبائي سنين كثيرة، ثم اهتدى إلى أن الحق في جانب أهل السنّة، وأراد أن يكون رجوعه عن الاعتزال علانية، فأتى المسجد الجامع بالبصرة يوم الجمعة، ورقي كرسياً، ونادى بأعلى صوته قائلاً: من عرفني، فقد عرفني، ومن لم يعرفني، فانا أعزفه بنفسي: أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن، وأن الله لا تراه الأبصار (يعني: في الدار الآخرة)، وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع معتقد للرد على المعتزلة.
والواقع أنه لم يات بمذهب جديد، وإنما صار إلى مذهب السلف، وما كان عليه الأئمة الراشدون، فقام بتاييده، والنضال عنه، وانما ينسب إليه المتمسكون بمذهب أهل السنّة؛ لأنه زاد المذهب حججًا، وألف فيه كتبًا كثيرة، وقد صرح في كتاب "الاستبانة" بأنه على طرَيقة السلف، فقال:"وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله، وسنّة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان عليه أحمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون"، وعوده إلى مذهب أهل السنّة بعد الاعتزال شاهد - كما قال القاضي عياض في "المدارك" - على ثبات قدمه، وصحة يقينه في التزام السنّة؛ إذ لم يلزمها لأنه نشأ عليها، ولا اعتقدها تقليداً.
* مذهبه في الأحكام العملية:
تنازع بعض أصحاب المذهب أبا الحسن الأشعري، كلٌّ ينسبه إلى