له: كيف تخالط أهل البدع، وتقصدهم بنفسك، وقد أمرت بهجرهم؟ فقال: هم أولو رياسة، منهم الوالي والقاضي، ولرياستهم لا ينزلون إليّ، فإذا كانوا هم لا ينزلون إليّ، ولا أسير أنا إليهم، فكيف يظهر الحق، ويعلمون أن لأهل السنّة ناصراً بالحجة؟!.
وكان لا يبتدئ مناظرته بالسؤال، بل يقف موقف المجيب المدافع، حضر الأستاذ أبو عبد الله بن خفيف مناظرة بين الأشعري وبعض مخالفيه، فقضى العجب من علمه وفصاحته، وقال له: لم لا تسأل أنت ابتداء؟ فقال الأشعري: أنا لا أكلم هؤلاء ابتداء، ولكن إذا خاضوا في ذكر ما لا يجوز في دين الله، رددنا عليهم بحكم ما فرض الله - سبحانه وتعالى - علينا من الرد على مخالفي الحق.
وجرت مناظرات بين أبي الحسن الأشعري والجبائي، منها: مناظرة في قول الجبائي كسائر معتزلة البصرة: إنه يجب على الله تعالى مراعاة الأصلح؛ بمعنى: الأنفع للعبد، فسأل الأشعري أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة عاش أحدهم في الطاعة، وأحدهم في الكفر والمعصية، والآخر مات صغيرًا. فقال له الجبائي: يثاب الأول، ويعاقب الثاني، ولا يعاقب الثالث ولا يثاب. فقال الأشعري: إن قال الثالث: يا رب! هل عمرتني، فأصلح، فأدخل الجنة كما دخلها أخي المؤمن؟! فأجاب الجبائي بأن الرب يقول: كنت أعلم أنك لو عشت، لفسقت، فدخلت النار. ئم قال الأشعري: فإن قال الثاني: يا رب! لمَ لم تمتني صغيراً حتى لا أعصي، فلا أدخل النار كما أمتَّ الثالث؟! فانقطع الجبائي.
فمعتزلة البصرة هم الذين يرون وجواب مراعاة الأصلح بمعنى الأنفع