للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث: "في كل أصبع عشر من الإبل".

ويقول بعض المتمسكين بالحديث في كل حال: إنه لا يوجد حديث ثابت على خلاف القياس الصحيح، وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأصناف بحكم يفارق به نظائره، فلا بد أن يختص ذلك الصنف بوصف يوجب اختصاصه بالحكم، ويمنع مساواته لتلك النظائر، لكن الوصف الذي اختص به الصنف قد يظهر لبعض الناس، ويخفى على بعض، فمن رأى شيئاً من الشريعة مخالفاً للقياس، فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، لا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر، وقد جاء هؤلاء إلى كل ما جاعت به السنة من أحكام؛ كالمساقاة، والمزارعة، وبيع العرايا (١)، وبسطوا في بيان الفرق بينها وبين أفراد القياس الذي ادعى أنها جاءت على خلافه.

والواقع أن الذين يسمون مثل المساقاة والسلم والمصرّاة (٢) خارجة عن القياس يعترفون بأنه انضم إلى هذه الأبواب ما جعلها تخالف سائر أفراد القاعدة التي يبدو لأول النظر أنها من مشمولاتها.

وهذا عز الدين بن عبد السلام يقول في قواعد المصالح: "أمر الله تعالى لإقامة مصالح متجانسة، وأخرج بعضها عن الأمر، إما لمشقة ملابستها، وإما لمفسدة تعارضها، وزجر عن مفاسد متماثلة، وأخرج بعضها عن الزجر،


(١) أن يهب الرجل لآخر النخلة، ثم يتأذى بدخوله لها، فيخرص ثمرها، ويشتريه منها بتمر.
(٢) المصراة: هي التي صُرِّي لبنها؛ أي: حبس، وجمع، فلم يحلب أياماً، وقد جاء في الحديث الشريف: أن مشتريها متى احتلبها يكون بخير النظرين: إما أن يمسكها، أو يردها وصاع تمر.